لم يعد من الغريب أن تجدي الأمهات من حولك يعلنون ليل نهار أن أطفال هذا العصر أصبحوا لا يعرفون قيمة إحترام الآخرين وأن الطفل الذي يحترم الآخرين المحيطين به هو عملة نادرة، وهذا الأمر يرجع إلى العديد من الأسباب والعوامل لكن الحقيقة الأكيدة التي يجب أن تكوني على ثقة فيها هي أنه من المستحيل أن يكون الطفل قادراً على إحترام الآخرين بينما أنت تزرعين فيه ليل نهار فكرة عدم الإحترام بصورة غير مباشرة وذلك بأن تكوني أنت نفسك غير قادرة على إحترام الآخرين.
كثير من الأمهات ينسين أن أطفالهن يراقبونهن ليل نهار وأن سلوكياتها وتصرفاتها ووجهات نظرها وطرق التعبير عن آرائها ومواقفها تخضع بالفعل لمتابعة دقيقة وفحص مستمر وأن الطفل أو الطفلة يتابعان والدتها في سلوكها ويريان درجة تعاملها بإحترام مع الآخرين.
الكارثة الحقيقية أن كل أم تكون مقتنعة بأنها بطبيعة الحال محترم وتحترم الآخرين لكن هل هذا هو الواقع بالفعل؟، كل إنسانة تتعامل في حياتها تقنع نفسها بأنها تتعامل بأسلوب مهذب وطيب مع المحيطين بها سواء المعارف أو الجيران أو الأهل أو الأصدقاء، لكن الأطفال لا يراقبون هذه التعاملات السطحية العابرة، ولا يصدرون أحكامهم على مدى إحترام والدتهم للآخرين من خلال هذه السلوكيات السطحية المتكررة، وإنما يكون فحصهم لهذا الأمر مرتبطاً بحالات أخرى.
إعلمي أن أطفالك يلاحظون بشدة طريقة تعاملك مع والدهم بشكل أساسي، فهم يرقبون نظرات عينك ونبرات صوتك عندما تكونين مع زوجك، ويفحصون حقيقة أسلوبك وإنفعالاتك وردود أفعالك ليس في الوقت العادي الذي يمكن أن تشعري فيه برضا عن زوجك وإنما الإختبار الحقيقي يأتي عندما تكونين في حالة غضب ونقمة وإستياء، فعندئذ يبدأ أطفالك في مراقبة كل تصرف تقومين به تجاه زوجك ويعرفون معنى إحترام الآخر بحق، فإسألي نفسك هل أنت قادرة على كبح جماح غضبك وهل أنت إنسانة تستطيع أن تعلي قيمة إحترام الزوج فوق أي إعتبار ومهما كانت الظروف والتحديات أم أنك أم تحترم الآخرين في وقت السعادة والسرور والأوقات العادية العابرة فقط أما عندما تكونين مختلفة مع الآخر في وجهة نظر أو بسبب موقف معين فإن مستوى إحترامك الحقيقي يظهر أمام أعين أطفالك.
لا يمكن أن يكتسب طفلك صفة إحترام الآخرين بشكل تلقائي بل لابد أن تجلسي معه بشكل مستمر وتشرحي له مدى أهمية أن يكون قادراً على إحترام الآخرين وأن يكون مؤمناً بأن إحترامه للآخرين لا يرتبط بما إذا كان الآخرون يستحقون هذا الإحترام أم لا ومن هنا يجدر بك أن تعلمي طفلك أنه عندما يحترم الآخر فإن هذا يعني أنه يحترم نفسه أولاً وعلى العكس إذا إنعدمت قدرته على إحترام الآخر فإن هذا دليل على أنه لا يحترم نفسه ولا يحترم والده ووالدته المسؤولين عن تربيته.
من أهمية بمكان أن تسني مجموعة من القواعد والقوانين داخل المنزل بحيث تكون هناك ضوابط ومعايير حاكمة تضمن أن سلوك الجميع في المنزل سيكون خاضعاً لفكرة الإحترام الكامل وهذه القواعد يجب أن تشملك أنت أيضاً حتى يتيقن الأطفال من حقيقة أن إحترام الآخر هي قيمة سامية تعلو على أي اعتبار مهما كان.
المصدر: موقع رسالة المراة.